صورة من داخل لعبة GTA

حققت شركة نيتفليكس (Netflix) إنجازاً كبيراً بعد جهودها المستمرّة في مجال استضافة الألعاب إثرَ نجاحها في الحصول على ترخيص لإطلاق لعبة المغامرات الشهيرة “جي تي إيه” (GTA) إصدارGrand Theft Auto على منصّتها؛ واعتباراً من 14 كانون الأول/ديسمبر القادم، ستقدم منصّة البث الشهيرة إصداراتٍ محسَّنةً خاصّةً بالهواتف المحمولة لثلاثة إصداراتٍ من لعبة GTA الكلاسيكية، وهي Vice City، وSan Andreas، وIII دون تكبّد مشتركيها لأية رسومٍ إضافية. ويأتي هذا مباشرةً بعد إرهاصاتٍ وإعلاناتٍ تشويقيةٍ أصدرتها الشركة المُطوّرة للعبة مؤخراً من أجل تسويق إصدارها القادم الذي يجري الترويج له بعد أن طال انتظاره والمسمى GTA 6؛ وقد بقيَ هذا الإصدار قيد التطوير على مدار قرابة عقد من الزمن.

وسيشكّل انضمام هذه الألعاب الشهيرة عالمياً إلى تشكيلة Netflix الموسَّعة -والتي تشمل أكثرَ من 80 لعبةً مختلفةً- خطوةً هامةً باتجاه إيجاد موطئ قدم لها في مجال ألعاب الهواتف المحمولة. ويبدو أن توقيت هذه الخطوة جاء مثالياً، إذ قد تشجع عشاق سلسلة GTA للعودة والاستمتاع بلعب بعض إصداراتها القديمة بانتظار إصدارها الأحدث المُرتقب.

وتسعى شركة نيتفليكس (NFLX) إلى جعل الألعاب ميزةً تكميليةً وقيمةً مُضافةً إلى خدمتها الأساسية المتمثّلة في بث المحتوى المرئيّ المميّز والحصري؛ وذلك بهدف زيادة تفاعل المستخدمين. وعلى الرغم من أن استضافة الألعاب ما تزال خدمةً حديثةً مقارنةً بمحتواها المرئيّ الضخم من الأفلام والمسلسلات، إلا أن مساعيها للحصول على ترخيص لتوفير بعض أشهر الألعاب عالمياً كلعبة GTA تشير إلى طموحات الشركة في جعل منصتها مقصداً للاعبين، فضلاً عن المشاهدين بكلِّ تأكيد.

“الإصدارات النهائية” المتوفرة الآن على Netflix ستتميّز بمرئياتٍ محسَّنة

تتضمّن ثلاثية الألعاب المجمَّعة الخاصّة بإصدار الهواتف المحمولة من نيتفليكس كلاً من إصدارات Grand Theft Auto III وVice City وSan Andreas، والتي حصلت عليها المنصة بموجب ترخيص واحد؛ وتتميّز هذه الإصدارات -بشكلٍ واضح- بسِمات النوع الحديث من العالم المفتوح ثلاثيّ الأبعاد الذي تقدّمه.

وتحافظ النسخ المعدَّلة والمضمّنة تحت العلامة التجارية “الإصدارات النهائية” ((The Definitive Edition على الرسوميات الأكثر تقدماً في النُسخ الأقدم للألعاب، فيما تشمل التحسينات تعزيز خصائص الدقة ومسافات رسمٍ موسّعةً وتأثيراتٍ مرئيةً غنيةً، فضلاً عن عناصر تحكمٍ معدّلةٍ لتناسب الشاشات العاملة باللمس.

وتم إصدار مجموعة ألعاب GTA الثلاثية المُجدَّدة لأول مرّة أواخرَ عام 2021 لأجهزة الكمبيوتر ووحدات التحكم بألعاب الفيديو؛ ويَظهَر الآن منها إصدار الهاتف المحمول للمرة الأولى وحصرياً عبرَ Netflix. واعتباراً من يوم أمس، بدأت الصفحة الرسمية الخاصة بلعبة GTA على منصة نيتفليكس بإتاحة التسجيل المسبق للمشتركين باللعبة، وذلك قُبيل إطلاقها المُرتقب بتاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر المُقبل على أجهزة الهواتف المحمولة بنظامي أندرويد وiOS.

وبهذا سيكون عشاق لعبة GTA على موعدٍ مع إنعاش ذكريات مشاهد الفوضى والإثارة والفكاهة وإمكانية تطوير تجربة اللعب بحريةٍ داخل المدن، وهي نفس السمات التي تميّزت بها الإصدارات الأولى من لعبة GTA، والتي لا تزال حاضرةً كذلك في هذه الإصدارات الجديدة. كما سيكون بإمكان اللاعبين استكشاف مدنٍ خياليةٍ غنيةٍ بالتفاصيل، والاستمتاع بعالمٍ من المغامرات كمطاردات السرعة الجنونية وإطلاق النار المثير بكافة الاتجاهات. أمّا من الناحية القصصية، فتبرز بشكلٍ خاصٍ تطوّرات قصة البطل الشهير كارل جونسون في إصدار سان أندرياس.

توسيع مكتبة الألعاب إلى ما هو أبعد من العناوين المناسبة للعائلة

من المتوقّع أن تؤدي استضافة ثلاثية ألعاب Grand Theft Auto إلى إثراء محتوى الألعاب المتنامي لدى منصة نيتفليكس Netflix بشكلٍ كبير. وبالنظر إلى كونها إحدى أكثر الألعاب الكلاسيكية ديمومةً، فإن العلامة التجارية للعبة GTA تتمتع بمكانةٍ بارزة يُنتظر منها أن تنجح باجتذاب اهتمام مشتركين جدد على مستوى العالم. كذلك ستساهم إضافة اللعبة الشهيرة هذه إلى المنصة في تنويع تشكيلة محتوى الألعاب الخاص بـ Netflix بما يتجاوز ألعاب الألغاز والمغامرات الكلاسيكية المتوفرة حالياً؛ حيث تمثّل سلسلة ألعاب GTA أولَ باقةٍ من ألعاب الإثارة ذات الطراز الرفيع، وستكون مفعمةً بالإثارة والعنف لجمهور البالغين، مقارنةً بمعظم المحتوى الحاليّ المناسب لكافة أفراد العائلة.

وبالنسبة لشركة نيتفليكس، فالحصول على حقوق استضافة الألعاب البارزة يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة لما تقدمه منصتها من خدمات البث المرئيّ، وتنظر الشركة إلى محتوى الألعاب الخاص بها كميزة ترفيهيةٍ يمكنها لعب دورٍ بارزٍ لتعزيز الرغبة بالاشتراك في المنصة، وليس كمصدرٍ ربحيٍّ بحدّ ذاتِهِ حالياً. وعليه، فإن توفير المحتويات الرائجة كلعبة GTA دون أيِّ تكاليف إضافيةٍ على المشتركين يتماشى مع خطط الشركة الطموحة لتوسيع مكتبة المحتوى الخاصّة بها إلى ما هو أبعد من خدمات الترفيه المرئيّ.

وبنفس الطريقة التي تعكس أسلوبها المُتّبع عبر عروض دراما الإثارة مثل Stranger Things أو Glass Onion، تهدف Netflix من خلال الألعاب إلى إغراء المستخدمين إمّا بالاشتراك في منصتها أو البقاء عليها لفتراتٍ أطولَ عبر التفاعل المستمرّ مع القصص والفيديوهات. وتبدو المؤشرات الأولى حول زيادة المشاركة في الألعاب واعدةً، ومن المرجّح أن تؤدي إضافة محتوى شهيرٍ كلعبة GTA إلى تعزيز مستويات المشاركة بكلّ تأكيد.

هل بإمكان Netflix إحداث ثورة في مجال ألعاب الهواتف المحمولة؟

تؤكد خطوة نيتفليكس في استضافة لعبة GTA على منصّتها على نشاطها الدؤوب في تأمين مكانةٍ راسخةٍ لها في عالم ألعاب الهواتف المحمولة، وهو ما يضع الشركة في منافسةٍ مباشرة مع متاجر الأجهزة الذكية الشهيرة كمتجري جوجل بلاي (Google Play) وأبل ستور (Apple App Store). ومع ذلك، تتميّز Netflix بتوفير محتوى ملائمٍ ومجانيٍّ لأعضائها الحاليين.

وتظلّ شركة نيتفليكس ملتزمةً بكونها أشهر المنصات المتخصّصة في بث المحتوى المرئيّ، فيما يأتي توفيرها للألعاب على منصّتها بهدف تعزيز مستويات المشاركة وإظهار تنوّع محتواها الرقمي. وفي المقابل، تتميز منصات الألعاب المتخصّصة مثل Xbox Cloud أو Google Stadia أو Apple Arcade بمكتباتٍ وميزاتٍ مجتمعيةٍ أعمق بكثيرٍ لتلبي احتياجات جمهور اللاعبين بشكلٍ خاص.

وبالنسبة للاعبين المحترفين، فإن انتزاع منصة Netflix لحقوق استضافة ثلاثية إصدارات GTA يجسّد تهديدها علنياً بفتح باب المنافسة على مصراعيه في قطاع الألعاب؛ فمع تمتّعها بـ 214 مليون مشتركٍ في جميع أنحاء العالم يشكلون هدفاً لتسويق الألعاب، وميزانيات برمجةٍ مفتوحةٍ لدعم ميزانيات محتوى الألعاب، وطموحاتٍ متزايدة في هذا المجال، فإن شركة نيتفليكس تبدو متسلحةً بكافة المقوّمات اللازمة لريادة هذا القطاع.

وفي النهاية، تؤكد الخطوة الأولى المتمثلة بالشراكة مع جهة إصدار لعبة GTA على قدرة شركة Netflix على إحداث ثورة في الأنظمة التقنية للألعاب، سواءً منها المُصمّمة للهواتف المحمولة أو عبرَ الإنترنت.