معادن أرضية نادرة

تكافح شركاتٌ تقنيةٌ ناشئةٌ جديدةٌ لتغيير كيفيّة تنقية المعادن الأرضيّة النادرة مع التركيز على جعل هذه العملية أقلَّ ضرَراً بالبيئة، وهو أمرٌ بالغ الأهمية لمستقبل الطاقة النظيفة، وقد يُساعد الدول الغربية في لعب دورٍ أكبرَ في هذا القطاع الضروريّ لتصنيع الكثير من الأجهزة الإلكترونية.

ومن المعلوم أن تنقية المعادن الأرضيّة النادرة -وهي مجموعةٌ مكوّنةٌ من 17 معدناً لا يمكن الاستغناء عنها في الصناعات التقنية الحديثة مثل المغانط المستخدمة في السيارات الكهربائية والهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية- تتم عبر عمليةٍ باهظة التكلفة وضارّة بالبيئة وهي الاستخلاص بالمُذيبات.

وتستحوذ الصين -التي أتقنت هذه العملية لأكثرَ من 30 عاماً- حالياً على 87% من قدرات تنقية المعادن النادرة في العالم. وتفكّر الشركات الغربية الآن بطرقٍ جديدة وسريعةٍ ونظيفةٍ ومنخفضة التكلفة للقيام بهذه العملية.

وإذا ما نجحَت هذه الطرق الجديدة بحلول عام 2025، فقد تتسبَّب بالحدّ من الاعتماد على التقنية الصينية ومنتجاتها الضارّة بالبيئة إلى جانب تمكين الشركات الغربية من طلب أسعارٍ أعلى لهذه المعادن المهمّة.

تغيير الديناميكيات: ابتكاراتٌ غربية لمعالجة المعادن الأرضيّة النادرة

تسعى شركاتٌ عديدةٌ -مثل Ucore Rare Metals– للمضيِّ قُدُماً في هذا القطاع بخططٍ مستقبليةٍ كبيرة وواعدة؛ وتهدف شركة Ucore للبدء بمعالجة المعادن الأرضيّة الثمينة بحلول منتصف عام 2025 باستخدام تقنيةٍ جديدة تُسمّى “RapidSX”؛ وتدّعي الشركة أن هذه التقنية أسرع من عملية “الاستخلاص بالمذيبات” بثلاثة أضعافٍ على الأقل، كما أنها لا تُخلّف نفاياتٍ كيميائيةً خطيرة، وتستلزم ثلث المساحة اللازمة للقيام بعملية التنقية التقليدية.

وتسعى شركة Ucore لإنشاء سلسلة توريد جديدة لهذه المعادن في أمريكا الشمالية؛ ويُشار إلى أن Ucore كانت في الأصل شركة تعدين، إلى أنها قامت بتحويل محور تركيزها نحو تنقية المعادن. وتخطط الشركة حالياً للعمل مع شركات تعدينٍ مختلفةٍ لتنقية المعادن الأرضية النادرة بكفاءة عالية.

وفي الوقت نفسه، تعمل شركة Rainbow Rare Earths في جنوب أفريقيا مع واحد من شركائها على تنفيذ عملية تنقيةٍ جديدة، وتستخدم هذه التقنية المُطوّرة من قبل شركة K-Technologies -الشريكة لـ Rainbow وتتخذ من فلوريدا مقراً لها- عمليةً تُسمّى التبادل الأيونيّ المستمر، وتقوم العديد من شركات إنتاج الليثيوم بالفعل باستخدام هذه الطريقة.

وتعكف بعض الشركات الناشئة -مثل Aether– حالياً على تطوير تقنيةٍ متطوّرة جداً لتحسين طرق استخلاص هذه المعادن، وتعتمد هذه التقنية توجّهاً قائماً على تكنولوجيا النانو تستخدم بروتيناتٍ مبرمَجَةً بشكلٍ خاصّ لاستخلاص المعادن الأرضيّة النادرة من الرواسب الخام.

وتدّعي شركة REEtec -وهي شركةٌ خاصّةٌ تتخذ من النرويج مقرّاً لها- أن طريقة التنقية الفريدة الخاصة بها تتسبّب بانبعاثات أقلَّ لثاني أوكسيد الكربون من عملية الاستخلاص بالمذيبات التقليدية بنسبة 90% وتتوقع الشركة الشروع بتطبيق هذه العملية بحلول نهاية عام 2024.

وفي سياقٍ متصلٍ، شرعت شركةٌ خاصةٌ أخرى تُسمّى Phoenix Tailings بتنقية كمياتٍ صغيرة من المعادن الأرضية الثمينة في ولاية ماساتشوستس في وقتٍ سابقٍ من العام الحاليّ، وتدّعي الشركة أن عملية التنقية الخاصة بها لا تتسبّب بأيِّ انبعاثاتٍ أو نفاياتٍ ضارّة.

أخيراً، هناك حاجةٌ ماسّةٌ لابتكار طرقٍ جديدة، لا سيّما بعد قيام الصين بخفض صادراتها من بعض المعادن الأساسية، ما يدعو للقلق بشأن قيامها بتطبيق الإجراء ذاته على المعادن الأرضيّة النادرة. وتسبّبت هذه المخاوف بتحفيز البلدان الغربية على تطوير مراكزَ خاصةٍ بها لمعالجة هذه المعادن.