مجموعة هواتف محمولة

نشرت شركة الخدمات المالية مورغان ستانلي (Morgan Stanley) تقريراً جديداً يؤكّد بأنّ إمكانات الذكاء الصنعي (AI) المُضمّنة في الأجهزة ستُحدِث تحوّلاً كبيراً في قطاع الهواتف الذكية، ما سيتسبّب بتعافي أحجام المبيعات في مطلع العام القادم. ويأتي هذا التحليل مخالفاً لتحذيراتٍ بتواصل الركود في سوق الأجهزة المحمولة كما هو حال سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصيّة.

وتتوقع شركة مورغان ستانلي أن تنتعش شحنات الهواتف الذكية في العالم بحوالي 4% في العام القادم، وأن يشهد عام 2025 ارتفاع هذه النسبة إلى 4.4%. ويُرجِّح هذا البنك الاستثماريّ أيضاً أن تتسبَّبَ ميزات الذكاء الصنعيّ الجديدة المُضمّنة في الهواتف المحمولة بارتفاع طلب العملاء على هذه الأجهزة بعد تراجعه مؤخراً.

اقرؤوا أيضاً: سوني ورازبيري باي تبرمان شراكةً للبناء على قدرات الذكاء الصنعي في العمليات الحاسوبيّة.

ويَعِد تضمين الذكاء الصنعي في الأجهزة بتوفير إمكاناتٍ تتراوح بين التصوير الفوتوغرافي المُحسّن برمجيّاً مروراً بالمساعدة الصوتية دون التأثير على الخصوصية. ومع التطوّرات الحاصلة في مجال صناعة الأجهزة وقدرتها على تشغيل تطبيقاتٍ قويةٍ، ترى شركة مورغان ستانلي أن موجة ابتكاراتٍ جديدةً ستغري المستخدمين لاستبدال أجهزتهم بأخرى أكثرَ تطوّراً للاستفادة من هذه التقنية المبتكَرة.

وتتمثل المؤشرات الأولية لهذا الإقبال المتوقّع في قيام شركات تصنيع الهواتف الصينية بإضافة شرائح ذكاء صنعيٍّ خاصّةٍ بها لأجهزتها؛ فعلى سبيل المثال، حقق هاتف شركة فيفو (Vivo) الجديد X90 الذي يوفر ميزة التصوير المدعوم بالذكاء الصنعيّ مبيعاتٍ محليةً بلغت ستة أضعاف مبيعات الأجهزة الحديثة التي لا تدعم الذكاء الصنعيّ. وبشكلٍ مشابهٍ، أفادت شركة شاومي (Xiaomi) بتحقيق هاتفها Xiaomi 13 المعزّز بالذكاء الصنعيّ مبيعاتٍ مميّزة.

وتشير مورغان ستانلي إلى أن هذه النقاط البيانية المبكرة تؤكد أن إقبال العملاء على إمكانات الذكاء الصنعي العملية المضمّنة في الأجهزة بشكلٍ مباشرٍ يتزايد بشكلٍ مطّرد؛ ويرجّح محللون من الشركة أن يستغلَّ المطوّرون النزعة لبناء أجهزة تحوي تطبيقاتٍ للذكاء الصنعيّ من أجل بناء تجربة مستخدم أكثرَ تأثيراً وجاذبيةً.

تطبيقاتٌ رائدةٌ بالغة الأهمية لزيادة الإقبال على الأجهزة المحمولة

المصدر: Goldman Sachs

يقرّ التقرير آنف الذكر بعدم وضوح الرؤية حول “التطبيق الرائد” الذي سيكون سبَبَ رواج تقنية الذكاء الصنعي المضمّنة في الأجهزة بشكلٍ واسع، إلا أنه يناقش حالاتٍ تاريخيّةً لبرمجيّاتٍ شهيرة -مثل Internet Explorer وتطبيقات التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية المضمّنة في الأجهزة المحمولة- والتي انتشرت بعد عام أو عامين من توفّر التكنولوجيا اللازمة لتشغيلها.

وانطلاقاً من هذا المبدأ، تُرجِّح مورغان ستانلي أن يكون إطلاق روبوت المحادثة التوليديّ المدعوم بالذكاء الصنعي Copilot الخاص بشركة مايكروسوفت (MSFT) مؤشراً مُحتملاً لبداية العمل على إطلاق تطبيقٍ رائد خاصٍّ بتقنية الذكاء الصنعي في الأجهزة المحمولة، وترى الشركة أن تضمين هذا الروبوت في أجهزة الكمبيوتر على نطاقٍ واسع يدلّ على رغبة المستخدمين باستخدام تقنيات الذكاء الصنعيّ بشكلٍ متزايد.

وإذا ما تسبَّبَت التطبيقات الموجّهة بانتشار الثقة حول التطبيقات العملية لتضمين تقنيات الذكاء الصنعيّ في الأجهزة، سيجد المطوّرون أنفسهم مضطرين لابتكار تطبيقاتٍ لهواتفَ ذكيةٍ ذات أثرٍ جذريٍّ رغم صعوبة تحديد المجال الذي سيجذب المستخدمين بشكلٍ أكبرَ في الوقت الحاليّ.

آراءٌ متباينة حول توجّهات مصنّعي الهواتف الذكية

كما أشرنا سابقاً، تتعارض توقعات مورغان ستانلي المتفائلة حول مبيعات الهواتف المحمولة مع التوقعات المتشائمة السائدة التي ترجّح أن يتواصل انكماش مبيعات هذه الأجهزة، ويستشهد النقاد بمبيعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية، إذ تسبَّبت دورات التشبّع والاستبدال بتراجع شحنات هذه الأجهزة على الرغم من التحسينات البرمجيّة المتنوّعة.

وبالرغم من ذلك، يرى محللو شركة مورغان ستانلي أن الهواتف الذكية تتميّز عن أجهزة الكمبيوتر بفضل الاستخدامات المتزايدة لها والتي سيتمّ تحسينها بفضل الذكاء الصنعي، بالإضافة لسهولة استخدامها في أيِّ مكانٍ وتطوير تقنياتها الأساسية. علاوةً على ذلك، يستشهد هؤلاء باستحواذ الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية على المزيد من حصص أجهزة الكمبيوتر في السوق منذ عام 2011 ما أدى لزيادة الاستخدامات الوظيفية بشكلٍ تراكميٍّ، موضّحين أسباب عدم استبدالها لأجهزة الحاسوب كليّاً.

اقرؤوا أيضاً: تحديثٌ لأكثرَ من 70 إحصائيةً حول سامسونج في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وفي حال لم تتسبّب تقنياتٌ جديدةٌ -مثل تقنية الواقع المعزّز- بتسريع حدوث تغيراتٍ جذريةٍ، ترجّح الشركة أن تحافظ الهواتف الذكية على أهميتها في تلبية حاجات المستخدمين سواءً من الناحية العملية أو الترفيهية، كما ترجِّح أن يسهم تضمين الذكاء الصنعي في هذه الأجهزة بإطالة دورة حياتها، بدلاً من تسريع عطبها. ما قد يجعل الاعتماد على سلوك السوق في فتراتٍ سابقةٍ غير دقيقٍ عند محاولة التنبؤ بالتوجّه المستقبليّ للسوق.

قياس التأثيرات المحتملة لتضمين الذكاء الصنعيّ في الأجهزة

يمثل توقّع مورغان ستانلي بأن يتسبَّبَ تضمين الذكاء الصنعي المُحسَّن في أجهزة الهواتف الذكية بموجةٍ من عمليات شراء الأجهزة المحمولة الجديدة تداعياتٍ مهمّةً للقطاع برمّته، إذ سيسمح هذا الابتكار باستغلال الإمكانيّات الكامنة في الأجهزة المحمولة، والتي أصبح الناس غير قادرين على الاستغناء عنها. وفي حال واصلت هذه التقنية بالتسبّب بتحوّلٍ برمجيٍّ قادرٍ على جذب المستخدمين، فقد يزداد الطلب في السوق بعد أن كان منخفضاً مؤخّراً؛ ومن المرجّح أن يركز المطوّرون على توفير تجارب استخدام مميزة في تطبيقاتهم تزيد من الرغبة بالحصول على تطبيقاتٍ مدعومةٍ بالذكاء الصنعي، ما سيجعل شركات تصنيع الأجهزة المحمولة توفّر أجهزةً أكثرَ تطوّراً.

وبالرغم من ذلك، ما تزال هذه التقنيات فتيّةً، وما تزال إمكانات الاستثمار فيها غير مؤكدة نسبياً؛ ولا تفوتنا الإشارة إلى أن السوق المستهدفة تشمل مليارات المستخدمين، ما سيفسّر تأخّر توجّه المستخدمين لاستبدال أجهزتهم المحمولة بأخرى تحوي تطبيقات ذكاء صنعيٍّ مالم توفّر الأجهزة الأحدث إمكانياتٍ مميّزةً بالفعل.

وعليه، لا يمكننا ضمان تحقق توقعات مورغان ستانلي المتفائلة، بالرغم من أن المؤشرات الأولى تبدو واعدةً جداً؛ وترى الشركات المصنّعة للأجهزة المحمولة أن فرصة تضمين الذكاء الصنعي في منتجاتها توفر وسيلةً جديدةً للتميّز من حيث الميزات والميزات التقنية بالتزامن مع زيادة الضغط لتسليع تقنيّات الذكاء الصنعيّ، إلا أن تأثير هذه التقنية يعتمد -وبشكلٍ كاملٍ- على إطلاق ابتكاراتٍ برمجيةٍ مكمّلةٍ تلقى رَوَاجاً في السوق ككلّ.